بسم اللة الرحمن الرحيم
۩ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ۩ ورد
فى القران الكريم ايات فى حوادث وقعت وانزل اللة بها على الرسول (صلى اللة
علية وسلم) اعظم الخلق قرانا لتصبح تشريعا فى كل العصور وفى هذا الموضوع
سنعرضها لكم ابتغى مرضاة اللة ورحمتة
بلقيس
هى بلقيس بنت الهدهاد بن شرحبيل
كانت ملكة ذات عقل راجح ورأى صائب
اصلها فقيل انها حبشية وكان ابوها من أكابر الملوك وكان يأبى ان يتزوج من
اهل اليمن وقيل ان ابو ها تزوج من امراة من الجن اسمها ريحانة بنت السكن
فولدت لة هذة المرة واسمها تلقمة ويقال لها بقيس
ذكرت بلقيس فى مجلس الرسول صلى اللة علية وسلم فقال
(لأ يفلح قوم ولو أمرهم امراة )
لما مات الهدهاد وليت بلقيس الحكم فاذدرى قومها بمكانها لما كانت امرارة
وانفوا من أن يلى امرهم امراة وبلغ ذلك عمرو ذى الأ ذغار وكان عدو لأهل
اليمن فجمع جيش وذهب لمحاربة بلقيس فلم تقدر فهربت مع اخيها عمرو فى زى
اعرابين
وعمدت الى حيلة دبرتها فدخلت الى عمرو فامر بالخمر ليعاشرها كما كان يفعل
فى بنات الملوك فلما اخذت منة الخمر وهم بها فترجعت وسامرتة فالهاة ما سمع
منها وهى تسقية الخمر حتى لعب الخمر برأسة فقتلتها بلقيس بخنجر كا مخبئ فى
شعرها واخذت البيعة من الأمراء بانةها زوجت عمرو وقد تنازلت لة فى حياتة
عن الملك وانها سوف تتولة بعد مماتة واخذت البيعة على ذلك.
اهم اعمال بلقيس بنت الهدهاد
اعادة بناء سد مارب
وبعيد عن اهل اليمن كان نبى اللة سليمان بن دواد وقد سخر اللة لة الطيور والجن والوحوش فسأل عن عن الهدهد
(مالى لأ أرى الهدهد أم كان من الغائبين *لأعذبنة عذابا شديدا أو لأذبحنة أو لياتينى بسلطان مبين )فقال العقاب يا نبى اللة سوف ابحت لك عنة فاذن نبى اللة فضرب بجناحية فوجد
الهدهد قدما من ناحية اليمن فقال لة ان نبى اللة سليمان قرر ان يعذبك او
يذبحك فقالة لة امأ استثنى ؟ بل انة قال لياتنى بسلطان مبين فهدأ الهدهد
وطار الى نبى اللة فقال لة ما الذى أبطأك عنة؟
وكان الهدهد يتقدم جيش النبى سليمان فيرى الماء فجوف الأرض فيحفروا ويخرج المياة فيشرب منة جيشة قال الهدهد
(أحطت بما لم تحط بة وجئتك من سبا بنبا يقين*انى وجدت اماة تملكهم اوتيت من كل شىءولها عرش عظيم)اخبر عن بلقيس الهدهد النبى سليمان ووصف لة عرشها فقال
بة خمسمائة اسطونة طول كل واحدة 50 ذراعا وفى كل زوية من الزوايا قبة من ذهب وفى داخلة سرير ملكة اربع قوائم من در وياقوت وزمرد
ثم قال الهدهد
(وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون اللة وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فانهم لأ يهتدون)فقال نبى اللة
(سننظر أصدقت أم كنت من الصادقين)وكتب نبى اللة كتابا الى بلقيس وامر الهدهد ان يلقية عليها وفعل الهدهد واجتمعت بلقيس قومها وقالت
(يأيها الملأ انى القى الى بكتاب كريم *انة من سليمان وانة بسم اللى الرحمن الرحيم *ألأتعلوا على واتونى مسلمين)كانوا اثنى عشر الف كان تحت امرة كل منهم الف
طرحت الملكة على رؤساء قومها الرسالة.. وكانت عاقلة
(قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُون)ان رد فعل الملأ وهم رؤساء قومها التحدى
(قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ)كان قوم بلقيس يتمتعون بالقوة والشجاعة. وكانوا يلتزمون نحوها بالسمع
والطاعة، كما كانوا مستعدين لأن يخوضوا معها القتال، إذا قررت ذلك. لكن
ذلك لم يكن رأيها ولا قرارها فقد كانت الدعوة التي يحملها الكتاب دعوة
للصلاح والإسلام والى عدم الاغترار بالقوة والاستعلاء في الأرضقال ابن
عباس قالت بلقيس "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها
أذلة"
وكان من حكمة بلقيس أن تختبر نوايا صاحب الكتاب
(قَالُوا نَحْنُ أُوْلُو قُوةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ
إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ. قَالَتْ إِن الْمُلُوكَ إِذَا
دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزةَ أَهْلِهَا أَذِلةً
وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ. وَإِني مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيةٍ
فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) كانت الهدية التي أرسلتها بلقيس مع وفدها لسليمان تحتوي على كثير من الدرر
والجواهر وحلي الذهب والفضة والجواري والغلمان، وكانت تريد أن تختبر
سليمان وتعرف إن كان ملكا أم نبيا،
وقال ابن عباس وغير واحد قالت لقومها إن قبل الهدية فهو ملك فقاتلوه وإن لم يقبلها فهو نبي فاتبعوه
ذكر غير واحد من المفسرين من السلف وغيرهم أنها بعثت إليه بهدية عظيمة من
ذهب وجواهر ولآلئ وغير ذلك وقال بعضهم أرسلت بلبنةمن ذهب والصحيح أنها
أرسلت إليه بآنية من ذهب: قال مجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما أرسلت جواري في
زي الغلمان وغلمان فى زي الجواري فقالت إن عرف هؤلاء من هؤلاء فهو نبي
قالوا فأمرهم سليمان فتوضؤا فجعلت الجارية تفرغ على يدها من الماء وجعل
الغلام يغترف فميزهم بذلك وقيل بل جعلت الجارية تغسل باطن يدها قبل ظاهرها
والغلام بالعكس وقيل بل جعلت الجواري يغسلن من أكفهن إلى مرافقهن والغلمان
من مرافقهم إلى كفوفهم ولا منافاة بين ذلك كله والله أعلم: وذكر بعضهم
أنها أرسلت إليه بقدح ليملأه ماء رواء لا من السماء ولا من الأرض: فأجرى
الخيل حتى عرفت ثم ملأه من ذلك ويخرزة وسلك ليجعله فيها والله أعلم
فسال الأنس والجن عن ثقبها فعجزوا فقال سليمان ما الرأى فيها ؟
فقالت الشياطين ترسل الى ألأرضة
فجاءت الأرضة فاخذت شعرت فى فيها حتى خرجت من الجهة الأخرى فقال نبى اللة
ما حاجتك؟ قالت ألأرضة تسير رزقى فى الشجر فقال لها نبى اللة سليمان لك ذلك
ثم تسأل من هذة الخرزة يسلكها هذا الخيط فقالت دودة بيضاء أنا لها يا نبى
اللة وفعلت الدودة فقال لها نبى اللة ما حاجتك؟ قالت ان تجعل رزقى فى
الفواكة فقال نبى اللة لك ذلك
وقال سليمان عليه السلام لرسول أهل "سبأ": ارجع إليهم, فوالله لنأتينَّهم
بجنود لا طاقة لهم بمقاومتها ومقابلتها, ولنخرجنَّهم مِن أرضهم أذلة وهم
صاغرون مهانون, إن لم ينقادوا لدين الله وحده, ويتركوا عبادة من سواه.
(فَلَما
جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللةُ خَيْرٌ
مما آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيتِكمْ تَفْرَحونَ. ارْجِعْ إِلَيْهِمْ
فَلَنَأْتِيَنهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنهُم
منْهَا أَذِلةً وَهُمْ صَاغِرُونَ)قال محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان قال: فلما رجعت إليها الرسل بما قال
سليمان قالت قد والله عرفت ما هذا بملك وما لنا به من طاقةوما نصنع
بمكابرته شيئا وبعثت إليه إني قادمة عليك بملوك قومي لأنظر ما أمرك وما
تدعونا إليه من دينك ثم أمرت بسرير ملكها الذي كانت تجلس عليه وكان من ذهب
مفصص بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ فجعل في سبعة أبيات بعضها في بعض ثم أقفلت
عليه الأبواب ثم قالت لمن خلفت على سلطانها احتفظ بما قبلك وسرير ملكي فلا
يخلص إليه أحد من عباد الله ولا يرينه أحد حتى آتيك
ثم شخصت إلى سليمان في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن تحت يدي كل قيل
ألوف كثيرة فجعل سليمان يبعث الجن يأتونه بمسيرها ومنتهاها كل يوم وليلة
حتى إذا دنت جمع من عنده من الجن والإنس ممن تحت يده فقال "يا أيها الملأ
أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين" وقال قتادة لما بلغ سليمان أنها
اتية وكان قد ذكر له عرشها فأعجبه وكان من ذهب وقوائمه لؤلؤ وجوهر وكان
مسترا بالديباج والحرير فكانت عليه تسعة مغاليق فكره أن يأخذه بعد إسلامهم
وقد علم نبي الله أنهم متى أسلموا تحرم أموالهم ودماؤهم فقال "يا أيها
الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين" وهكذا قال عطاء الخراساني
والسدي وزهير بن محمد "قبل أن يأتوني مسلمين" فتحرم علي أموالهم بإسلامهم.
ال عفريت من الجن" قال مجاهد أي مارد من الجن قال شعيب الجبائي وكان اسمه
كوزن وكذا قال محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومانوكان كأنه جبل
"أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك"فقال سليمان عليه السلام أريد أعجل من ذلك ومن ههنا يظهر أن سليمان أراد
بإحضار هذا السرير إظهار عظمة ما وهب الله له من الملك وما سخر له من
الجنود الذي لم يعطه أحد قبله ولا يكون لأحد من بعده وليتخذ ذلك حجة على
نبوته عند بلقيس وقومها لأن هذا خارق عظيم أن يأتي بعرشها كما هو من
بلادها قبل أن يقدموا عليه هذا وقد حجبته بالأغلاق والأقفال والحفظة.
"قال الذي عنده علم من الكتاب" قال ابن عباس وهو آصف كاتب سليمان وكذا روى محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان أنه آصف بنبرخياء وكان صديقا يعلم الاسم الأعظم
وقال قتادة كان مؤمنا من الإنس واسمه آصف وكذا قال أبو صالح والضحاك
وقتادة إنه كان من الإنس زاد قتادة من بني إسرائيل وقال مجاهد كان اسمه
أسطوم قال قتادة في رواية عنه كان اسمه بليخا وقال زهير بن محمد هو رجل من
الإنس يقال له ذو النور
قام هذا المؤمن فتوضأ ودعا الله تعالى قال مجاهد قال يا ذا الجلال
والإكرام وقال الزهري قال: يا إلهنا وإله كل شيء إلها واحدا لا إله إلا
أنت ائتني بعرشها قال فمثل بين يديه قال مجاهد وسعيد بن جبير ومحمد بن
إسحاق وزهير بن محمد وغيرهم لما دعا الله تعالى وسأله أن يأتيه بعرش بلقيس
وكان في اليمن وسليمان عليه السلام ببيت المقدس غاب السرير وغاص في الأرض
ثم نبع من بين يدي سليمان وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم لم يشعر سليمان
إلا وعرشها يحمل بين يديه قال وكان هذا الذي جاء به من عباد البحر فلما
عاين سليمان وملأه ذلك ورآه مستقرا عنده
"قال هذا من فضل ربي"و أمر به أن يغير بعض صفاته ليختبر معرفتها وثباتها عند رويته هل تقدم على أنهعرشها أو أنه ليس بعرشها فقال
"نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون"قال ابن عباس نزع منه فصوصه ومرافقه وقال مجاهد أمر به فغير ما كان فيه
أحمر جعل أصفر وما كان أصفر جعل أحمر وما كان أخضر جعل أحمر غير كل شيء عن
حاله وقال عكرمة زادوا فيه ونقصوا وقال قتادة جعل أسفله أعلاه ومقدمه
مؤخره وزادوا فيه ونقصوا.
"فلما جاءت قيل أهكذا عرشك" أي عرض عليها عرشها وقد غير ونكر وزيد فيه ونقص منه فكان فيها ثبات وعقل ولها لب ودهاء وحزم فقالت
"كأنه هو" أي يشبهه ويقاربه وهذا غاية في الذكاء
امر
سليمان عليه السلام الشياطين فبنوا لها قصرا عظيما من قوارير أى من زجاج
وأجرى تحته الماء فالذي لا يعرف أمره يحسبأنه ماء ولكن الزجاج يحول بين
الماشي وبينه واختلف في السبب الذي دعا سليمان عليه السلام إلى اتخاذه
فقيل إنه عزم على تزوجها واصطفائها لنفسه ذكر له جمالها وحسنها ولكن في
ساقيها هلب عظيم ومؤخر أقدامها كمؤخر الدابة فساءه ذلك فاتخذ هذا ليعلم
صحته أم لا؟ هكذا قول محمد بن كعب القرظي وغيره فلما دخلت وكشفت عن ساقيها
رأى أحسن الناس ساقا وأحسنهم قدما لو كن رأى على رجليها شعرا لأنها ملكة
ليس لها زوج فأحب أن يذهب ذلك عنها فقيل له الموسى فقالت لا أستطيع ذلك
وكره سليمان ذلك وقال للجن اصنعوا شيئا غير الموسى يذهب به هذا الشعر
فصنعوا له النورة وكان أول من اتخذت له النورة قاله ابن عباس ومجاهد
وعكرمة ومحمد بن كعب القرظي والسدي وابن جريج وغيرهم وقال محمد بن إسحاق
عن يزيد بن رومان ثم قال لها ادخلي الصرح ليريها ملكا هو أعز من ملكها
وسلطانا هو أعظم من سلطانها فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها لا تشك
أنه ماء تخوضه فقيل لها إنه صرح ممرد من قوارير فلما وقفت على سليمان
دعاها إلى عبادة الله وحده وعاتبها في عبادتها الشمس من دون الله وقال
الحسن البصري: لما رأت العلجة الصرح عرفت والله أن قد رأت ملكا أعظم من
ملكها وقال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه قال: أمر
سليمان بالصرح وقد عملته له الشياطين من زجاج كأنه الماء بياضا ثم أرسل
الماء تحته ثم وضع له فيه سريره فجلس عليه وعكفت عليه الطير والجن والإنس
ثم قال لها ادخلي الصرح ليريها ملكا هو أعز من ملكها وسلطانا هو أعظم س
سلطانها "فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها" لا تشك أنه ماء تخوضه قيل لها "إنه صرح ممرد من قوارير"
فلما وقفت على سليمان دعاها إلى عبادة الله عز وجل وحده وعاتبها في
عبادتها الشمس من دون الله فقالت بقول الزنادقة فوقع سليمان ساجدا إعظاما
لما قالت وسجد معه الناس فسقط في يديها حين رأت سليمان صنع ما صنع فلما
رفع سليمان رأسه قال ويحك ماذا قلت؟ قالت أنسيت ما قلت؟ فقالت "رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين" فأسلمت وحسن إسلامهويقال ان نبى اللة سليمان قد تزوج من بلقيس واسكنها الشام وقيل انها سكنت
قصر بلقيس بمأرب وكان ياتبها على الريح كل شهر وولدت لة غلأما سماة دواد
مات فى زمانة
المصادر
القران العظيم تفسير القران العظيم للقرطبى الموطا الكامل فى التاريخ لأبن الأتير هى خولة بنت عاصم زوجية هلأل بن امية
هلأل بن امية
هو هلال بن أمية بن عامر بن قيس ، واسمه مالك الأنصاري الواقفي .
وكان رضي الله عنه قديم الإسلام ، كان يكسر أصنام بني واقف وكانت معه رايتهم يوم الفتح
وشهد هلال بن أمية رضي الله عنه بدراً وأحد التخلف عن غزوة تبوك تخلّف هلال بن أمية رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقد ذكر ابن كثير أن قوله تعالى : " وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم " .
أنهم هم الثلاثة الذين خلفوا ( أي : عن التوبة ) وهم : مرارة بن الربيع ،
وكعب بن مالك ، وهلال بن أمية . قعدوا عن غزوة تبوك في جملة من قعد كسلاً
وميلاً إلى الدعة والحفظ وطيب الثمار والظلال لا شكاً ونفاقاً فكانت منهم
طائفة ربطوا أنفسهم بالسواري كما فعل أبو لبابة وأصحابه ، وطائفة لم
يفعلوا ذلك وهم هؤلاء الثلاثة المذكورون فنزلت توبة أولئك قبل هؤلاء وأرجي
هؤلاء عن التوبة حتى نزلت الآية الآتية وهي قوله : " لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار " الآية " وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت " .
وقد
ذكر البخاري قصة الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك : يقول كعب بن مالك :
حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله صلى الله عليه
وسلم يأتيني فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل
امرأتك ؟ فقلت : أطلقها أم ماذا أفعل ؟ قال : لا ، بل اعتزلها ولا تقربها
. وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك ( يقصد هلال بن أمية ، ومرارة بن الربيع ) فقلت
لامرأتي : الحقي بأهلك فتكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ، فجاءت امرأة هلال بن أمية
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ
ضائع ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه ؟ قال : " لا ولكن لا يقربك " . قالت
: إنه والله ما به حركة إلى شيء والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان
إلى يومه . فقال لي بعض أهلي لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في
امرأتك كما أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه ؟ فقلت : والله لا أستأذن
فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدريني ما يقول رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب ؟ فلبثت بعد ذلك عشر ليال حتى
كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا ،
فلما صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا فبينا
أنا جالس على الحال التي ذكر الله قد ضاقت عليّ نفسي وضاقت عليّ الأرض بما
رحبت ، سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع بأعلى صوته : يا كعب بن مالك أبشر
. قال : فخررت ساجداً وعرفت أن قد جاء فرج وآذن رسول الله صلى الله عليه
وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر ، فذهب الناس يبشروننا وذهب قبل
صاحبي مبشرون " . (3) اللعان روى ابن عباس أنه قال : {لما نزلت هذه الآية :[والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا] . قال سعد بن عبادة : أهكذا نزلت يا رسول الله ؟ لو أتيت لكاع وقد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه وأخرجه حتى آتي بأربعة شهداء ، فوالله ما كنت لآتي بأربعة شهداء حتى يفرغ من حاجته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الأنصار ; أما تسمعون ما يقول سيدكم ؟ قالوا : لا تلمه ، فإنه رجل غيور ، ما تزوج فينا قط إلا عذراء ، ولا طلق امرأة قط فاجترأ رجل منا أن يتزوجها . قال سعد : يا رسول الله ; بأبي وأمي ، والله لأعرف أنها من الله ، وأنها الحق . فوالله ما لبثوا إلا يسيرا حتى جاءهلال بن أمية من حديقة له ، فرأى بعينه وسمع بأذنيه ، فأمسك حتى أصبح ، ثم غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ; إني جئت أهلي عشاء فرأيت رجلا مع أهلي ،
رأيت بعيني وسمعت بأذني . فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أتاه ،
وثقل عليه جدا ، حتى عرفت الكراهية في وجهه ، فقال هلال : يا رسول الله ;
إني أرى الكراهية في وجهك مما أتيتك به ، والله يعلم إني لصادق ; وإني
لأرجو أن يجعل الله فرجا . فقالوا : ابتلينا بما قال سعد ، أيجلد هلال ،
وتبطل شهادته في المسلمين ؟ فهم رسول الله بضربه ، وإنه لكذلك يريد أن
يأمر بضربه إذ نزل عليه الوحي : { والذين يرمون أزواجهم }
الآيات . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبشر يا هلال ، إن الله جعل
لك فرجا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسلوا إليهما فلما اجتمعا
قيل لها فكذبت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله يعلم أن أحدكما
لكاذب ، فهل فيكما تائب فقال هلال : لقد صدقت ، وما قلت إلا حقا . فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعنوا بينهما . قيل لهلال : اشهد ، فشهد
أربع شهادات إنه لمن الصادقين ، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من
الكاذبين . فقيل له عند الخامسة : يا هلال ; اتق الله ، فإن عذاب الله أشد
من عذاب الناس [ ص: 351 ] وإنها الموجبة التي توجب عليك العقوبة . فقال
هلال : والله ما يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها رسول الله صلى
الله عليه وسلم ; فشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين . ثم
قيل لها : تشهدي ، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين . ثم قيل لها
عند الخامسة : اتقي الله فإن عذاب الله أشد من عذاب الناس ، وإن هذه
الموجبة التي توجب عليك العذاب ، فتلكأت ساعة ، ثم قالت : والله لا أفضح
قومي ، فشهدت الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين . ففرق رسول
الله صلى الله عليه وسلم بينهما ، وقضى أن الولد لها ، ولا يدعى لأبيه ،
ولا يرمى ولده